"أكثر من مجرد نادٍ". هذا هو الشعار الذي رفعه نارسيس دي كاريراس واتخذه هدفاً لإدارته عندما تولى رئاسة إف سي برشلونة عام 1968. وسرعان ما تحول هذا العنوان البارز إلى إعلان صريح لنوايا هذا النادي الذي يفخر بتاريخ حافل يمتد لأزيد من مئة عام، حيث أصبح مبعث إعجاب وإجلال في مشارق الأرض ومغاربها لما حققه من إنجازات باهرة على المستطيل الأخضر، فضلاً عن التزامه الاجتماعي الواسع.
وربما حتى مؤسسه السويسري هانس جامبر لم يكن يتوقع أن يبلغ هذا المشروع ما بلغه من أبعاد وشهرة تطبق الآفاق. فقد تربع فريق كرة القدم على عرش الليجا 18 مرة وفاز بكأس ملك أسبانيا في 24 مناسبة، إضافة إلى لقبين في دوري أبطال أوروبا وأربعة في مسابقة أوروبا للأندية الفائزة بالكأس وثلاثة أخرى في مسابقة كأس المعارض، ناهيك عن انقضاضه على كأس السوبر الأوروبية في مناسبتين. وعلاوة على ما حققه نجوم المستطيل الأخضر، فإن قلعة "بلاوجرانا" اعتلت منصات التتويج في عديد من المسابقات المحلية والدولية في 13 نوعاً رياضياً آخر.
نشأة المؤسسةرأى نادي برشلونة النور يوم 20 نوفمبر\تشرين الثاني 1899، بعدما نجح جامبر في جمع 12 مشجعاً لبوا النداء عقب الدعوة التي نشرها في الصحافة. وخلال العقود الأولى من عمر الفريق، نجح أبناء عاصمة كاتالونيا في إرساء دعائم واحدة من أنجح الجمعيات الرياضية في محافظتهم، وقد تزامن عقد العشرينات من القرن الماضي مع أول حقبة ذهبية في تاريخ النادي الذي أصبح يتخذ من ملعب لاس كورتس مقراً له، قبل أن يتوج بأول لقب له في مسابقة الدوري الأسباني ومعه أربعة كؤوس وطنية.
بيد أن انتحار مؤسس النادي، الذي يُرجح أنه وضع حداً لحياته بسبب وضعه المادي المتأزم، عجل بتراجع مستوى كتيبة بلاوجرانا منتصف القرن الماضي. لكن برشلونة سرعان ما لمم جراحه ووحد صفوفه ليصبح رمزاً من رموز الهوية الكاتالونية الصامدة أمام تسلط النظام الدكتاتوري في عهد الجنرال فرانكو، الذي كان يرفض كل أشكال التنوع الثقافي والعرقي واللغوي في أسبانيا. وبعيداً عن شؤون السياسة وشجونها، حقق الفريق إنجازات باهرة فوق المستطيل الأخضر جعلت منه واحداً من عمالقة الساحرة المستديرة محلياً ودولياً.
بداية الأسطورةاستعاد الفريق قوته الهجومية الضاربة بعد انتداب لاديسلاو كوبالا عام 1950، حيث بات عدد الجماهير التي تحضر المباريات أكبر من أي وقت مضى لدرجة لم تعد معها المدرجات تتحمل استيعاب المزيد من المتفرجين، مما عجل ببدء إجراءات بناء ملعب جديد.
صحيح أن برشلونة أصبح يسيطر حينها على المنافسات الوطنية بقيادة خطه الأمامي المتألق الذي يتقدمه هدافه المجري الجديد إلى جانب باسورا وسيزار ومورينو وماتشون، حيث تربع على عرش الليجا في خمسة مواسم متتالية متفوقاً على غريمه الأزلي ريال مدريد، إلا أن العملاق الكاتالوني اضطر للانتظار طويلاً قبل نقل هيمنته خارج الحدود الأسبانية. وبعد الفوز بلقبين متتاليين ضمن مسابقة كأس المعارض، أتيحت لأبناء قلعة بلاوجرانا فرصة التتويج بكأس أوروبا لأول مرة في تاريخهم، لكن نهائي عام 1961 انتهى لفائدة بنفيكا البرتغالي. ولم تتوقف حسرة جماهير برشلونة عند هذا الحد، بل تضاعفت بعد رحيل هيلينيو هيريرا ولويس سواريز عن النادي للالتحاق بصفوف إنتر ميلانو وقيادته إلى التربع على العرش الأوروبي فيما بعد.
وأمام هذا الوضع المقلق، سارعت إدارة النادي في سنوات السبعينات إلى استعادة هيبة فريقها الأول من خلال التعاقد مع عدد من اللاعبين بموجب صفقات بدت خيالية آنذاك. ولعل أنجح الانتدابات كان يتمثل في الهولندي يوهان كرويف الذي أصبح فيما بعد رمزاً من رموز برشلونة وتاريخه، حيث قاده إلى المجد الكروي لاعباً ومدرباً.
وفي عقد الثمانيات، عاد أثرياء برشلونة لصرف أموال طائلة بهدف إعادة تأثيث النادي، فكان التعاقد مع دييجو مارادوناوبيرند شوستر وجاري لينكر، لكن تألق الثلاثي الذهبي فوق أرضية التباري لم يصاحبه فوز بالألقاب، رغم أن أبناء عاصمة كاتالونيا كانوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلم الفوز بكأس أوروبا، قبل أن يصابوا بخيبة أمل كبيرة عند خسارتهم بركلات الترجيح في نهائي 1986 على ملعب مدينة إشبيلية.
لكن الخلاص جاء على يد كرويف، الذي عُين على رأس الجهاز الفني. فقد نجح الداهية الهولندي في إيجاد الانسجام المنشود بين اللاعبين فحوَّل كتيبته إلى ما بات يعرف بـ"فريق الأحلام"، حيث وقفت الجماهير شاهدة على جيل ذهبي من النجوم الذين خلبوا ألباب الحاضرين في كامب نو وباقي ملاعب أسبانيا والقارة العجوز، وفي مقدمتهم رونالد كومان وجوارديولا ولاودروب وستويشكوف وغيرهم، ليحقق النادي لقب الليجا على امتداد أربعة مواسم متتالية. لكن جوهرة التاج كانت بمناسبة نهائي كأس أوروبا عام 1992، عندما تُوج برشلونة باللقب القاري الأغلى للمرة الأولى في تاريخه، إثر فوزه على سامبدوريا بفضل هدف بمنتهى الروعة من توقيع كومان على أرضية "مسرح الأحلام".
حاضر مشرقعاش برشلونة سنوات عصيبة بعد رحيل كرويف. فقد حاول كل من بوبي روبسون ولويس فان غال الحفاظ على نفس الزخم الذي ميز عهد الداهية الهولندي، لكن الفريق اكتفى بإحراز لقب الليجا مرتين إضافة إلى كأس أوروبا للأندية الفائزة بالكأس. وبعد مرحلة طويلة من الكر والفر داخل إدارة النادي، شهدت قلعة بلاوجرانا إعادة هيكلة عميقة شملت جميع الجوانب والمستويات. فقد حل الهولندي الآخر، فرانك رايكارد، لاستلام دفة التدريب على رأس مشروع طموح قاده إلى سكة النجاح بفضل نجوم صاعدين من قبيل رونالدينيو وديكو وصامويل إيتو، حيث تمكن نجوم البارصا من التربع على العرش الأوروبي للمرة الثانية في تاريخهم بعد فوزهم الملحمي على أرسنال في نهائي دوري الأبطال عام 2006 بالعاصمة الفرنسية باريس.
كما تميزت هذه المرحلة بما حققه العملاق الكاتالوني من عمل تضامني أكد بالملموس صحة الشعار الذي يَعتبر برشلونة "أكثر من مجرد نادٍ." فقد وقعت إدارة البارصا اتفاقاً مع اليونيسيف لوضع شعار منظمة الأمم المتحدة للطفولة على صدريات أقمصة الفريق الأول، التي كانت خالية على الدوام من أي إعلانات دعائية. والأدهى من ذلك أن النادي قبل العرض دون تقاضي أي مقابل مالي، بل إنه تعهد بتخصيص مبلغ 1.5 مليون يورو لدعم مشاريع المنظمة.
الملعبعندما تزايد عدد مشجعي برشلونة بشكل مهول في خمسينات القرن الماضي، لم تعد مدرجات ملعب لاس كورتس قادرة على استيعاب كل الجماهير، فما كان من إدارة النادي إلا أن شرعت في بناء ملعب جديد أُطلق عليه اسم "كامب نو"، الذي يرجع تاريخ تدشينه إلى 24 سبتمبر\أيلول 1957. وبعدما خضع لعدد من التعديلات والإصلاحات على امتداد نصف قرن من الزمان، بات هذا الصرح الرياضي الكبير يتسع لما لا يقل عن 98.787 متفرج، علماً أنه واحد من الملاعب الخمسة التي منحها الاتحاد الأوروبي UEFA درجة "خمس نجوم".
وعلاوة على لقاءات البارصا، التي توازيها لوحات فنية رائعة في المدرجات، كان كامب نو مسرحاً لمباريات نهائية تاريخية، إذ تعتبر آخرها تلك الموقعة التي دارت بين مانشستر يونايتد وبايرن ميونيخ لحسم مصير لقب دوري أبطال أوروبا في ختام موسم 1999. كما استضاف الملعب افتتاح كأس العالم أسبانيا 1982 FIFA وكان من بين أهم المواقع التي احتضنت مباريات مسابقة كرة القدم ضمن دورة الألعاب الأولمبية برشلونة 1992.
هذ وقد عُهد إلى المهندس المعماري الشهير نورمان فوستر بإنجاز مشروع تحديث هذا الملعب الأسطوري ليصبح جوهرة مستقبلية من الطراز الرفيع.

أهم الألقاب:-       الدوري الأسباني (20): 1929، 1945، 1948، 1949، 1952، 1953، 1959، 1960، 1974، 1985، 1991، 1992، 1993، 1994، 1998، 1999، 2005، 2006، 2009، 2010.
-       كأس ملك أسبانيا (25): 1910، 1912، 1913، 1920، 1922، 1925، 1926، 1928، 1942، 1951، 1952، 1953، 1957، 1959، 1963، 1968، 1971، 1978، 1981، 1983، 1988، 1990، 1997، 1998، 2009.
-       كأس الأندية الأوروبية البطلة/دوري أبطال أوروبا UEFA (3): 1992، 2006، 2009.
-       كأس الاتحاد الأوروبي للأندية أبطال الكؤوس (4): 1979، 1982، 1989، 1997.
-       كأس المعارض (كأس الاتحاد الأوروبي UEFA سابقاً) (3): 1958، 1960، 1966.
-       كأس السوبر الأوروبي (3): 1993، 1998، 2009.
-       كأس السوبر الأسباني (9): 1983، 1991، 1992، 1994، 1996، 2005، 2006، 2009، 2010.
-       كأس العالم للأندية FIFA (1): 2009.
* الألقاب المشار إليها هنا تعتبر الأهم التي نالها النادي، ولهذا فإنها لا تمثل قائمة كاملة بإنجازاته.
لاعبون أسطوريون: ريكاردو زامورا، لاديسلاو كوبالا، لويس سواريز، هيلينيو هيريرا، يوهان كرويف، يوهان نيسكنس، دييجو مارادونا، جاري لينكر، بيرند شوستر، رونالد كومان، ريستو ستويشكوف، روماريو، مايكل لاودروب، ريفالدو، روماريو، أندوني زوبيزاريتا، جوزيب جوارديولا، رونالدو، رونالدينيو، ليونيل ميسي، تشافي هيرنانديز.