لن يكون مشهد الصدام الثالث من سلسلة ملاحم نيسان/ابريل 2011 بين الغريمين التقليدين ريال مدريد وبرشلونة، لن يكون مشابهاً لما رأيناه في الجزأين الأولين، لا لاختلاف المعنيين بل ببساطة لتغيّر العنوان: ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
إذاً موعد عشّاق الـ"غلاكتيكوس" والـ"بلوغرانا" خصوصاً وذوّاقة كرة القدم عموماً، سيتجدد ليلة الأربعاء، للمرة الثانية في العاصمة الإسبانية هذا الشهر بعد مواجهة المرحلة 32 من الدوري المحلي (1-1) وللمرة الثالثة الشهر الراهن بعد موقعة الـ"ميستايا" في نهائي كأس ملك إسبانيا الذي انتهى ملكياً بجدارة 1-0 بعد التمديد.
ما تقدّم، لا يعني فصلاً في المضمون بين اللقاءات، فلا ريب أنّ رجال المدربين جوزيه مورينيو وجوزيب غوارديولا، سيحملان إلى مواجهتهما القاريّة آثار تداعيات المواجهتين الأوليين النفسية منها على وجه التحديد لتضاف إلى متطلبات الأعباء التاريخية والجماهيرية والأدائية لأشهر دربي كروي على الإطلاق.
تحليل اللقاء المرتقب ربطاً بأحداث 20 نيسان/ابريل 2011 وهو تاريخ نهائي الكأس، مختلف عما قبله، خصوصاً بعد نجاح مورينيو وتلامذته في فكّ عقدة التفوّق الكاتالونية في آخر ست مباريات وإنزال برشلونة من عليائه ليفرضوا معادلة جديدة قائمة على مبدأ تساوي الفرص، في الوقت الذي كانت القراءات الفنية تميل بوضوح لصالح برشلونة قبل "السلسلة الرباعية" لمعطيات لا تخفى على أحد.
في التاريخ
تعود آخر مواجهة بين الفريقين في دوري الأبطال إلى موسم 2001-2002 حين تقابلا في الدور نفسه، نصف النهائي. وقتها نجح جيل النجم الفرنسي زين الدين زيدان والبرتغالي لويس فيغو والمخضرم الذي "لا يشيخ رياضياً" راوول غونزاليس نجم شالكه الألماني حالياً، في التفوّق على الأرجنتيني خافيير سافيولا والهولندي باتريك كلويفرت ومواطنه فرانك دو بور ورفاقهم بالفوز ذهاباً 2-0 في "كامب نو" والتعادل إياباً 1-1.
ثلاثة لاعبين مثلوا شهوداً في اللقاءين المذكورين سيكونون حاضرين في لقاء ليلة الأربعاء في "برنابيو" وهم تشافي هيرنانديز وكارليس بويول من جهة برشلونة رغم أن مشاركة الأخير غير مؤكدة بداعي الإصابة، والحارس ايكر كاسياس من جهة ريال مدريد علماً أنه مثل احتياطيا وقتها للحارس سيزار سانشيز حامي عرين فالنسيا حالياً رغم سنينه الـ39.
عموماً في المسابقة الأوروبية الأم، يحمل اللقاء القادم الرقم 7 من سلسلة مواجهات الفريقين. خلال المقابلات الست السابقة نجح برشلونة في الفوز مرة واحدة خلال إيّاب الدور الأوّل لموسم 1960-1961 فيما تفوّق ريال ثلاث مرات، منها مرتان عام 1960 ومرة عام 2002، فيما تعادل الفريقان مرتين.
عموماً في المسابقة الأوروبية الأم، يحمل اللقاء القادم الرقم 7 من سلسلة مواجهات الفريقين. خلال المقابلات الست السابقة نجح برشلونة في الفوز مرة واحدة خلال إيّاب الدور الأوّل لموسم 1960-1961 فيما تفوّق ريال ثلاث مرات، منها مرتان عام 1960 ومرة عام 2002، فيما تعادل الفريقان مرتين.
مرونة مورينيو
يُعتبر البرتغالي مورينيو المدرب الوحيد الذي استطاع إيجاد الحلول المناسبة لإيقاف الأداء "المبهِر" للاعبي برشلونة في السنتين الأخيرتين، وهو بات يملك في جعبته أكثر من تجربة ناجحة لا تلغيها الخسارة القاسية لفريقه ريال أمام برشلونة 0-5 في ذهاب الدوري هذا الموسم.
العام الفائت تواجه المدربان في نصف نهائي المسابقة عينها. وقتها كان مورينيو يدير دفة إنتر ميلان الإيطالي ونجح بأسلوب دفاعي ضاغط بدأ من وسط الميدان في شل الكثير من قدرات منافسه ليزيحه من طريقه 3-1 ذهاباً و0-1 إياباً قبل أن يتوّج باللقب على حساب بايرن ميونيخ في النهائي.
رغم اختلاف نوعية الأسلحة الكروية، حاول مورينيو تطبيق النهج ذاته مع ريال في مواجهة برشلونة. الانطباع الأوّل هذا العام في لقاء الدوري عكس صعوبة كبيرة في تأدية المهمة من لاعبي ريال حين بدوا في مواجهة 16 نيسان/ابريل عاجزين عن إغلاق المساحات أمام لاعبي برشلونة الذين كان بإمكانهم وقتها إنهاء اللقاء لو لم يمل أداؤهم لناحية استعراضية دفعوا ثمنها هدفاً في شباكهم مهّد لعودة مدريدية معنوية تجلّت في نهائي الكأس.
فالمدرب البرتغالي لم ييأس وكان لقاء الإياب في الدوري بمثابة نفض غبار، فدخل نهائي الكأس أكثر إصرارً وكان واضحاً أنّه يوظف إمكانات لاعبيه وفقاً لما يتطلبه منافسه. وتمكن مورينيو هذه المرة في تعطيل جزء كبير من المكنة الهجومية لبرشلونة حيث أجبرهم في كثير من الأحيان على الاعتماد على الكرات العرضية العالية عوضاً عن الاختراق السريع والسلس من العمق، في الوقت الذي كان صوت لاعبي ريال دائماً أعلا في الصراعات الهوائية.
وستكون خيارات مورينيو واسعة لكنه سيفتقد دفاعياً للبرتغالي ريكاردو كارفاليو الموقوف والألماني سامي خضيرة المصاب بفخذه، لكن من المستبعد أن يبتعد عن الأداء الذي انتهجه في نهائي الكأس وإن كانت المجازفة الهجومية مطلوبة أكثر لتأمين نتيجة إيجابية تريحه في لقاء العودة في "كامب نو" حيث الزيارة تعد كابوساً لأي ضيف.
ويُحسب للمدرب البرتغالي قدرته على توظيف العوامل الإيجابية والاستفادة منها ولعلّ عودة الأرجنتيني غونزالو هيغواين والفرنسي كريم بنزيمة لإدراك الشباك وارتفاع مستوى البرازيلي كاكا وانسجام التوغولي اديبايور نفسياً ونضج رونالدو في التعامل إيجاباً مع المناسبات الكبرى وهو الأمر الذي كان يحسب عليه سلباً، ستشكل عوامل ثقل وغنى في الخيارات الهجومية، وإن كان التشكيل المتوقع سيكون مشابهاً لما رأيناه في نهائي الكأس باستثناء خضيرة وكارفاليو.
ثقة غوارديولا
من جهته يدرك غوارديولا جيداً إمكانات منافسه ويخشاها رغم أنّه ولاعبيه يوحون دائماً بثقة منقطعة النظير في التسجيل أي وقت شاؤوا وهذا ما رأيناه في أكثر من مناسبة محلياً وقارياً. وقال مدرب برشلونة: "ريال مدريد مرشح للفوز، لكننا سنذهب إلى برنابيو لنهاجم، نسجل الأهداف، ونسعى للفوز في اللقاء".
إذاً يقرّ غوارديولا بقدرة مورينيو ولاعبيه ويرشحهم للفوز ذهاباً، لكن إصراره في الوقت ذاته على الهجوم والنية في التسجيل رغم الصلابة التي أظهرها دفاع ريال في نهائي الكأس تؤكّد أن ثقة الكاتالونيين عالية، لكن لا ريب أنهّ في حال أراد برشلونة العودة للديار بنتيجة إيجابية وإقران القول بالفعل عليه رفع مستوى الأداء الدفاعي للاعبيه "روحاً وأداء".
النجاح بذلك يفترض أن يقود لتوقيف جزء من خطة مورينيو في الاستفادة من الانطلاقات السريعة للأرجنتيني انخل دي ماريا والبرتغالي كريستيانو رونالدو بعد انقضاضات وسط الميدان بقيادة بيبي دفاعياً وأوزيل هجومياً، وإن نجح في ذلك سيصبح العبء أكبر على دفاع ريال مدريد مع صعوبة ضبط لاعبي برشلونة الذي يجرون دون كرة أكثر مما يفعلون معها ويستطيعون الاحتفاظ بها لفترات طويلة ترهق المنافس قبل افتراس شباكه.
ومن المنتظر أن يعتمد غوارديولا هجومياً كالمعتاد على تشافي وميسي وانيستا إن كان جاهزاً إذ يحوم الشك حول مشاركته بعد إصابة غير قوية في ربلة الساق، إلى جانب وجود دافيد فيا الذي عاد إلى التهديف في المباراة الأخيرة للفريق في الدوري أمام أوساسونا بعد صيام منذ 26 شباط/فبراير الماضي، مع مساندة متوقعة من بدرو رغم أن الأخير مبتعد عن مستواه.
دفاعياً يواجه المدرب الشاب حامل لقب البطولة عام 2009 مشاكل جمة مع كثرة الإصابات التي أكدت غياب البعض أمثال الظهيرين البرازيليين ادريانو وماكسويل، وغياب الفرنسي ابيدال منذ حوالي الشهرين، فيما قيّد غوارديولا الأرجنتيني غابي ميليتو وكارليس بويول في التشكيلة رغم الشكوك التي كانت متداولة حول مشاركتهما.
طبعاً في ظل ما تقدّم ستتوقف خطة غوارديولا، على مدى جهوزية لاعبيه بدنياً لا سيما المصابين منهم، خصوصاً أنه سبق وأكد أن الخروج بلقب واحد هذا الموسم، عنى به الدوري، سيكون كارثياً وعليه سيحاول الخروج بأقل الأضرار أو نتيجة إيجابية تمهيداً لمباراة العودة.
بعد لقاءي الدوري والكأس خلال الشهر الحالي، واسترداد ريال لحضوره النفسي أمام برشلونة ينتظر أن نرى موقعة حذرة من كلا الطرفين خصوصاً في ظل كثرة الإصابات من جهة برشلونة وغياب البدلاء الأكفاء، وعليه تبدو كفة ريال في ظل معطيات نيسان/ابريل 2011 أرجح نسبياً خصوصاً إن غاب بويول وانيستا، لكن لا ريب أن للميدان كلمته ولكل مباراة ظروفها.
0 comments:
Post a Comment